رأس السنة الأمازيغية ورهان مدنية الدولة المغربية حكيم بواسلي

إن الفلسفة الحديثة تشتغل من أجل بلوغ كونية ومحلية متكاملتين، فالكونية التي لا تحترم خصوصيات المحلي ليست بكونية، والمحلي يجب أن يواكب بناء هذه الكونية، شق مهم من الفلسفة تسمى بفلسفة الاعتراف تسعى لضمان حقوق جميع الناس في إطار عدالة منصفة على تعبير جون راولز، هذا الاعتراف ليس عن مشروط بانتماءات مجالية أو تقافية. لغوية أو اثنية أو سياسية وحتى الجنسية (حقوق المثليين مثلا)....هذا بالاضافة الى أن العلوم الاجتماعية اليوم ( خاصة السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا) تحاولان فهم بنيات الافراد والجماعات للرقي بها نحو إنسانية منصفة و ضامنة للحريات الأساسية.
سأحاول أن أصيغ ورقة حول موضوع مطلب الاعتراف بالسنة الامازيغية، مصورا بشكل أعمق الوضع الراهن بالمغرب للصراعات الأيديولوجية الصامتة التي تأخذ في شكلها طابع ماهو سياسي تنظيمي:

ثقافات شعوب العالم


كما أشرت في البداية إلا أن الفلسفة الحديثة لم تعد تنكب على ماهو ميتافيزيقي، بل صارت هي والعلوم الاجتماعية تحاور "المعاش" فالعالم عوالم والعقل الانساني عقول وتصورات مختلفة، فلا يمكن للإستبداد برأي واحد أو لغة واحدة أو دين واحد ...إلا أن يرمي بالإنسانية في مزيد من الحروب والدمار، لامناص في أن الواقع المجتمعي المغربي خاصة الشق التقافي منه هو مزيج من تقافات وروافد إمتزجت بالهوية الامازيغية التي قد تعايشت معها (التقافات جنوب صحراوية والعربية واليهودية والاورومتوسطية....)في إطار تقافة سعى بعض مفكرينا من التأسيس عبرها ل"تمغربيت" (الكلمة بالضبط تأخد في بنيتها اللغوية بنية أمازيغية) لكن مافتئوا يسقطون في تبني أيدلوجية أحادية تهدر ماهو أمازيغي واليهودي والعمق الأفريقي، وتقولب المد العربي في شاكلة المغْربة، وأية مغْربة تبنى خارج" أساس" (العودة الى تكرار أمازيغية بلدان شمال إفريقيا مسألة روتينية) قد إعترف به الباحثون الأجانب قبل أن تصل العلوم الاجتماعية إلى مجتمعنا، لذالك دائما تكِّنُّ تلك الطبقة من المؤرخيين والانثربولوجيين والسوسيولوجيين نوع من العداء الخفي للدراسات الكولونيالية، لأنها تضرب أطروحاتهم في الصفر.
إن المجتمع المغربي يحتاج الى تبني فلسفة الاعتراف ومحاولة التوافق بين المقومات المعاشة والترسانة القانونية، والحقوق الثقافية لم تعد من معجزات تسعى الشعوب الأكثر إنسانية ضمها لمكتسباتها، بل بالعكس صارت مختبرات الانثربولوجيا والسوسيولوجيا وعلم الأديان..... عندهم تسعى إلى صياغة خطة لدمج ثقافات الأجانب مع ثقافتهم المحلية، نمودج ألمانيا التي استقبلت أكثر من مليوني لاجئ منهم المسلمون الشيعة والسنة والمسيحيين واليزيديين...ووفرت جميع إمكانياتها المعرفية والبشرية من مساعدين اجتماعيين وخبراء في الهجرة و مختصين في الثقافات قصد إدماج هؤلاء بشكل لا يؤثر على أسس النظام الفدرالي الألماني ويمنح في نفس الوقت لتلك الفئة المستهدفة الفرصة لممارسة ثقافاتهم الأصلية.
في المقابل نجد المجتمع المغربي مازال يواجه تقاعس سياسي رهيب تجاه الثقافة الأصلية العتيقة، التي هي الأمازيغية والتي لاأحد يستطيع إنكار هذا المتن الثقافي الصلب، وهنا أطرح تساؤلات:هل ندفع كأمازيغ ضريبة أخطاء أجداد استشهدوا من أجل هذه الارض وغفلوا أن الكفاح ليس معارك البنادق فقط؟
هل نحن أمام بداية وعي يجب أن يخطوا نحب الثورة الهوياتية السليمة والسلمية؟
كيف ستفهم الدولة المغربية أن الأمازيغية ماض لم يمت بل عاد إلى الحياة وبشكل أقوى؟
ممارسة الأمازيغ لطقوسهم الثقافية لن يكون مقنعا بمنطق الإعتراف بالأقليات، لأننا لسنا أقلية ولسنا لاجئين بأرض أحد، نؤمن إيمانا علميا بأن لنا الحق في الإحتفال بكل ماهو أمازيغي، فالإحتفال إبتكار وتحضر ولا يعادي الإنسانية في أي شيئ، رأس السنة الأمازيغية طقس قد ظن القوميون أنه طمس ولكن بالعكس كان مخزونا ببيوت الأمازيغ يمارس كما يمارس طقس الكسكس يوم الجمعة، لكن الجديد في الأمر هو أن هذا الطقس صارت له الإرادة والقوة ليناقش بالفضاء العمومي قصد ترسيمه كيوم وطني له من القدسية ماللأعياد الوطنية الأخرى، وهنا نفتح الأفق نحو وطن يتسع للجميع لايهدر حقوق أحد في إطار تعايش إنساني.

 حكيم بواسلي  طالب باحث في  الانثروبولوجيا
 -مصطفى حجازي "الإنسان المهدور"
-عبدالله حمودي "الحداثة والهوية"
عبد الله العروي"الأصول الاجتماعية والثقافية للحركة الوطنية المغربية 1912-1930"
-أكسيل هونيث"الصراع من أجل الاعتراف"

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلمات امازيغية رومانسية معبرة ومعانيها للعاشقين - احبك

تعلم الحروف الامازيغية مترجمة الى العربية - Learn Tamazight

اجمل كلمات امازيغية رومانسية مترجمة الى العربية - عبارات حب قصيره